عدة الأساتذة

مواضيع علوم التربية

أخبار ومستجدات

14- مُعجزة الإسراء والمِعراج:





{ما بين السَّنة 3 قبل الهجرة و السنة الأولى قبل الهجرة} [1]



ومَضَى رسول الله على أمرِ رَبِّه؛ يَبذُلُ لقَومه النَّصيحة بالحُسنى، ويَدعوهم إلى سَبيل الله بالحِكمة؛ فَمَا كان جَواب المُشركين إلا سُخريةً، وما قابلوه إلا بالصَدِّ والتَكذيب.. وذَات لَيلة أتاه جبريل عليه السلام وهو نائم في فِراشه، فقامَ عليه الصلاة والسلام مَعه فخَرج؛ فإذا بالبُراق[2]، فحُمِل عَليها، وخَرَج مَعه جبريل يُريه الآيات.. وكانت الدَّابة تضَعُ حافرها في مُنتهى طَرفها[3].. حتى إذا انتهى إلى بَيتِ المَقدس؛ وَجَد فيه إبراهيم الخَليل ومُوسى وعِيسى في نَفر مِن الأنبياء، وقد جُمِعوا لَه فصَلَّى بهم.. ثم أتاه جبريل بإناء مِن خَمر وإناء مِن لَبن فاختار عليه الصلاة والسلام اللبن فقال جبريل: هُدِيتَ للفِطرَةِ وهُدِيَتْ أمَّتُك يا محمد.. فلمًّا فَرَغَ مِمَّا كان في بَيت المَقدس اُتِيَ بالمِعراج[4]، فاصْعَدَهُ جبريل حتى انتهى به إلى السَّماء السَّابِعة؛ وقد رَأى خلال ذلك ثُلة مِن الأنبياء فيهم نَبي الله آدم؛ تُعرض عليه أرواح بَنيه؛ فمَن كانت رُوحه طاهرة استبشر بها وفَرح، ومَن كانت رُوحه خَبيثة وَجم وعَبس.. ورأى الحبيب صلى الله عليه وسلم جُزءا مِن الجنة ونَعِيمها، وجُزءا مِن النار وعذابِها؛ وقد شاهد فيها أكَلة أموال اليَتامى وأكلة الرِّبا والزُّناة والزانيات يُعَذَّبون.. ثم بَلغ به جبريل عليه السلام سِدرة المُنتهى فتَوقَف[5].. وتابع الحَبيب صلى الله عليه وسلم طَريقه إلى عالم الأنوار.. ففُرِضَت عَليه خَمسين صَلاة كل يَوم وليلة، فأقبل راجعا.. فلمَّا مَرَّ بنَبي الله مُوسى بن عِمران، سَأله: كَم فرضَ عليك مِن الصَّلاة؟. فقال صَلوات ربي وسلامه عليه: «خَمسين صَلاة كل يوم»[6]. فقال مُوسى: إن الصَّلاة ثقيلةٌ، وإن أمَّتك ضَعيفةٌ، فارجع إلى رَبك فاسأله أن يُخفِّفَ عَنْك وعن أمتك. فرَجع الحبيب صلى الله عليه وسلم وسَأل العَلي القدير أن يُخفف عَنه وعن أمَّته؛ فوَضَع عَنه عشراً، ثم انصَرَف عليه الصلاة والسلام وَمَرَّ على مُوسى مُجَددا، فلم يَزل يَقول له موسى مِثل ما قال أول مَرَّة، حتى فُرضَت خَمسُ صَلوات في كُلِّ يومٍ وليلة.. فقال له مُوسى مُجدداً مِثل ما قال أول مَرَّة، فقال عليه الصلاة والسلام: «قَدْ رَاجَعْتُ رَبِّي وسَأَلته حتى اسْتَحْيَيْتُ مِنه، فمَا أنا بفَاعل»[7]. فمَن أدَّاهُنَّ إيماناً بِهنَّ واحتساباً لهُنَّ كان له أجرُ خَمسين صَلاة[8]

السابق    التالي
http://youjal.blogspot.com/2016/04/sira1.htmlhttp://youjal.blogspot.com/2016/04/sira3.html


[1] _اختلف عُلماء السيرة في تاريخ معجزة الإسراء والمعراج، والراجح أن تاريخها مُتأخر أي قريب مِن تاريخ هِجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة )والله أعلم بالصواب(.
[2] _البُراق: دابة بَيضاء دُون البَغل وفوق الحِمار، كانت تَحمل فَوقها الأنبياء.
[3] _أي عند مُنتهى بَصَرها.
[4] _ذكر بن هشام عن ابن إسحاق حَديثا طَويلا عن سَعيد الخُدْري، يَصِف الرسول صلى الله عليه وسلم في صَدره المِعراج بقوله: «لمَّا فَرَغْتُ ممّا كان في بَيت المقدس أُتِيَ بالْمِعْرَاج؟، ولم أرَ شَيْئاً قَطُّ أحْسَنَ مِنه، وهو الذي يَمُدُّ إليه مَيتكم عَينيه إذا حُضِرَ» (ابن هشام: 2/10).
[5] _سدرة المنتهى: شجرة عَظيمة في الجنة.
 [6]_(ابن هشام: 2/15).
[7] _(ابن هشام: 2/14).
[8] _ ذَكرت عائشة رضي الله عنها أن الإسراء رُؤيا صادقة مِن الله تعالى. وذكر مُعاوية بن أبي سُفيان مِثلما ذَكرَتْ (ابن هشام: 2/5). ويَرى جُلّ العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسرِيَ بجَسده ورُوحه. فإن كان ذلك رُؤيا، فرُؤيا الأنبياء صادقة؛ والدليل في القرآن الكريم على ذلك وارد. وإن كان غَير هذا؛ أي في يَقظته صلى الله عليه وسلم. فهذا وارد أيضا؛ لِمَا اختص الله أنبيائه مِن مُعجزات. وفي كِلتا الحالتين ليسَ في قلوبنا غَير الإيمان والتَصديق والتَسليم بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـموقع دروس تربوية