عدة الأساتذة

مواضيع علوم التربية

أخبار ومستجدات

15- عامُ الحُزن:




{السَّنة 3 قبل الهجرة}


فلمّا أصبح رسول الله أقبَلَ على قَومه وأخبَرهم بما شاهد؛ فسَخِروا مِنه وتَنَاقلوا الخَبر وهم يَضحكون.. وذَهب فَريق مِنهم إلى أبي بكر ليُخبروه بما أخبَرَهُم به رسول الله؛ ظَناً مِنهم أن الرِّيبة سَتحُل نَفسه فيَرجع عَن إيمانه بالله وبرسوله.. غَير أنه أجابهم بكلام نابع مِن إيمان راسخ: إن كان قال ذلك لقد صَدَق، إني لأصَدِّقه على أبعد مِن ذلك[1].. وتحَدَّى بَعض المُشركين رَسول الله أن يَصف لهم بَيت المَقدس إن كان فِعلا قد رَآه؛ فجَلاه الله تَعالى بَين عَينيه فوَصَفه لهم وَصفاً دَقيقا.. بل أخبرهم عَن قافلة لهم صادفها، وأن بَعيراً أورَق يَقدمها[2].. وكان الأمرُ كما قال؛ فَمَا زادهم ذلك إلا بَغْياً واستكبارا.. ثم اشتد المَرض بأبي طالب؛ فخاف المُشركون سُوء سُمعتهم في العَرب إن تَناولوا رسول الله بسُوء بعد وَفاة عمه، وأجمعوا على أن يَأتوه فيَجِدَ لهم حلاً مع رسول الله؛ فمَشوا إليه فكلموه؛ وهم أشراف قومه؛ فيهم عُتبة وشَيبة ابنا رَبيعة، وأبو جهل، وأميَّة بن خَلف، وأبو سُفيان؛ في رِجال مِن أشراف قريش، فقالوا: يا أبا طالب إنّك مِنا حَيث قد عَلِمت، وقد حَضَرَكَ ما تَرى، وتَخوَّفنا عَليك، وقد عَلمت الذي بَيننا وبَين ابن أخيك، فادعُه، فخُذ له مِنا، وخُذ لَنا مِنه، ليَكُف عنا ونَكُف عَنه، وليَدعنا ودِيننا ونَدعه ودِينه. فبَعَثَ أبو طالب إلى رسول الله فجاءه، ثم أخبره بالذي قالوا وعَرَضوا عليه؛ مِن عَدَمِ تعرض كل فَريق للآخر. فقال له الحَبيب صلى الله عليه وسلم: «يَا عَمُّ، كلمةٌ واحدة يُعْطُونيها تَملكون بها العرب وتَدِينُ لكم بها العَجَم»[3]. فقال أبو جهل: نَعَمْ وأبيك وعَشْر كلمات. فقال عليه الصلاة والسلام: «تَقُولون لا إله إلا الله وتَخْلعُون ما تَعبدون مِن دُونه»[4]. فصَفقوا بأيديهم، ثم قالوا: أتُريد يا محمد أن تَجعل الآلهة إلَهاً واحدا؟! إن أمرَكَ لَعَجَب. ثم قال بَعضهم لبَعض: إنه والله ما هذا الرجل بمُعطِيكم شَيئاً مما تُريدون، فانطلقوا وامضوا على دِين أبائكم، حتى يَحكم الله بينكم وبينه.. ثم ذَهبوا.. وبعد فَترة قصيرة ماتت زَوجة النبي صلى الله عليه وسلم خَديجة بنت خُويلد وعمه أبو طالب[5] وذلك في عام واحد؛ فتَتَابعت عليه المَصَائب وازدادَ أذَى المُشركين؛ حَتى اعترضه سَفِيهٌ مِن سُفهاء قريش فنَثر على رَأسه التُراب؛ فَدَخَل النبي صلى الله عليه وسلم بَيته والتُّراب على رَأسه، فقامت إليه إحدَى بَناته فجَعَلت تَغسل عنه ذلك وهي تَبكي، فكان الحَبيب صلى الله عليه وسلم يَقول لها: «لا تَبْكِي يَا بُنَيَّةُ فَإِنَّ اللهَ مَانِعٌ أباكِ»[6]. ورُغم كل ما عاناه المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ كان لا يَزيد مَعَ كَثرة الإيذاء إلا صَبرا ومع إسراف الجَاهِلِ إلا حِلما.. وكان لا يَغضب أو يَحزن لنَفسه؛ بل لله تعالى وَحده.. وقد حَزن على عَدَمِ إيمان الناس بالحق الذي جاءَ به مِن الله تعالى؛ فسَمَّى هذا العام بعام الحُزن.

السابق    التالي
http://youjal.blogspot.com/2016/04/sira1.htmlhttp://youjal.blogspot.com/2016/04/sira3.html

[1] _عن غير بن هشام. وقد سُمِّيَ أبو بكر لأجل ذلك بالصِّديق.
[2] _أورق مِن الجمال: الجَمَل الذي في لَونه بياض إلى سَواد.
)_ [3]ابن هشام: (2/27.
)_ [4]ابن هشام: (2/27.
[5] _لم يُسلم أبو طالب، ومات على مِلَّة أجداده.
)_ [4]ابن هشام: (2/26.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـموقع دروس تربوية