عدة الأساتذة

مواضيع علوم التربية

أخبار ومستجدات

20- الهِجرة إلى المَدينة:




{الإثنين، رَبيع الأول، السَّنة الأولى للهجرة}


وبَعد أن تَمَّت البَيعة وحازَ الأنصار هذا الشَّرف العَظيم؛ أمَرَ الحَبيب صلى الله عليه وسلم المُسلمين بالهِجرة إلى المَدينة، واللُّحُوق بإخوانهم مِن الأنصار؛ فخَرجوا تَاركِين أموالهم وأراضيهم ومُمتلكاتهم بمَكة، مُهاجرين إلى الله تعالى، لا يَبتغون عَن إيمانهم به بَديلا.. وكان أوّل مَن وَصَل المَدينة مِن أصحاب رسول الله أبو سَلمة بن عَبد الأسد، ثم جاء بَعده عامر بن رَبيعة ومَعه امرأته  لَيلى بنت أبي حَثْمة؛ فهي أول ظَعينة[1] وَصلت المدينة. ثم جاء أصحاب رسول الله بعد ذلك فنَزلوا على الأنصار في دُورهم؛ فآووهم ونَصروهم.. وأقام عليه الصلاة والسلام بِمَكة يَنتظر أن يَأذن لَه رَبُّه في الهِجرة، وبَقي مَعه أبو بكر وعَلي بن أبي طالب وقِلَّة قليلة مِن المُسلمين.. وكان أبو بكر قد استأذن رسول الله في الخُروج؛ فقال له الحَبيب عليه الصلاة والسلام: «لا تَعْجَلْ لَعَلَّ اللهَ يَجْعَلُ لَكَ صَاحِباً».[2] فبَقِيَ أبو بكر بمكة يَعلف راحِلَتين[3] كانَتَا عِنده طَمعاً في صُحبة رسول الله. فلمَّا رَأت قريش أن رسول الله له أصحاب بِغير بَلدهم، ورَأوا خُروج أصحابه إليهم، عَرفوا أنَّ المُسلمين أصابوا مِن أهل المَدينة الحِماية، فَحَذِروا خُروجه، واجتمعوا له في دار النَّدوة[4]؛ يَتَشاورون فيما يَصنعون في أمره، ثم أجمَعُوا على رَأي أبي جَهل بن هشام؛ بأن يَختاروا مِن كل قبيلة شَاباً فَتى جَليداً[5] نَسِيباً، ثم يُعطوا لِكل واحد مِنهم سَيفاً صارماً، ثم يَعمدوا إليه فيَضربُوه بها ضَربةَ رَجلٍ واحد فيَقتلوه فيَسترِيحُوا مِنه. وبذلك يَتَفرق دمُّه في القَبائل؛ فلا يَقدر بنو عَبد مَناف على حَربهم. فتفرَّق القوم على ذلك وهُم راضون به. فأتَى جبريل عليه السلام رسول الله فقال له: لا تَبت هذه الليلة على فِراشك الذي كُنت تَبيت عليه. فلمَّا جنَّ الليل اجتمع المُشركون على بابه صلى الله عليه وسلم يَرصدونه مَتى يَنام فَيَثِبُون عَليه، فلمَّا رَأى صلوات ربي وسلامه عليه مَكانَهم؛ أمَرَ عَلياً بن أبي طالب بأن يَنام في فِراشه وأن يَتغطى بِبُردِه[6] فلا يُؤذونه. ثم خَرَج النبي صلى الله عليه وسلم على المُشركين فأخَذَ حَفنة مِن تُراب في يَده، وأخَذَ الله تعالى على أبصارهم عَنه فلم يَروه، وكان يَنثر ذلك التُراب على رُؤوسهم وهو يَتلوا آيات مِن القرآن الكريم[7]، حَتى فَرغ، ثم انصرف إلى حَيث أراد أن يَذهب.. وبَعد أن أفاقوا اكتَشفوا أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم مَرَّ عليهم، وأن النَّائم في فِراشه هو عَليٌّ بن أبي طالب؛ فخَاب مَسعاهم وحَبِطَ ما كانوا يَمكُرون.. فلما أذِنَ الله تَعالى لنَبيه في الخُروج أخبَرَ أبو بكر؛ فَفَرِحَ الصِّدِيق بصُحبة رَسول الله، واستَأجَرَا عَبد الله بن أرَيقط[8]؛ كي يَدلهُما وكان ماهِراً بالطريق فَدَفَعَا إليه راحلتهما فكانتا عنده يَرعاهما لمِيعادهما.. وقد خَلَّفَ الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بمكة كَي يُؤَدي عنه الوَدائع التي كانت عِنده للناس، والتي كانوا يَتركونها عِنده خَشيةً عليها مِن السَّرقة أو الضَّياع؛ لِمَا يَعلمون مِن صِدقه وأمانته صلوات ربي وسلامه عليه. ثم خَرَج يُرافقه أبو بكر الصدِّيق إلى أن وَصَلاَ إلى غار بجَبل ثَور أسفل مكة فدَخلاه. وأمَرَ أبو بكر ابنه عبد الله وكان شابا حَذِقاً  أن يَتَسَمَّع لهما ما يَقول الناس بمكة نَهاراً ثم يَرجع إليهما مَساءاً فيُخبرهما بما سَمع، ثم يُصبح بمكة كأنه بائت بها. و أمَرَ مَولاه عَامِرُ بن فُهيرة أن يَرعى غَنمه نَهاراً ثم يَأتيهما بها إذا أمسَى كي يَشربا مِن ألبانها. وكانت أسماء بنت أبي بكر تَأتِيهما كل مَساء بما يصلحهما مِن الطعام.. فلما عَلمت قريش بخُروج النبي صلى الله عليه وسلم انتشروا في الطُّرق يَبحثون عنه إلى أن وَصَلوا إلى غار ثَور فرَأوا على بابه نَسج العَنكبوت فقالوا: لو دَخل هاهنا أحد لم يَكن نَسج العنكبوت على بابه. وسَمِعَ رسول الله وأبو بكر أقدام المُشركين تَخفق مِن حَولهم؛ فوَجَل أبو بكر وهَمَس يُحدِّث رسول الله: لو أن أحدهم نَظَر إلى قَدميه لأبصرنا.. فأجابه رسول الله: «يا أبا بَكر ما ظَنُّكَ باثنين الله ثالثهما»[9]. فحَفِظَهما الله تعالى مِنهم.. حتى إذا مَضت ثَلاثة أيام وسَكَنَ الناس عنهما، وهَدَأت ثائرات قريش؛ أتاهما عَبد الله بن أريقط بالرَّاحلتين وأتَتهما أسماء بنت أبي بكر  رضي الله عنها بسُفرتِهما[10]، ونَسيت أن تَجعل لها عِصَاماً[11]؛ فشَقَّت نِطاقها[12] نِصفين فعَلَّقت السُّفرة بواحد، وانتَطَقت بالآخَر؛ ولأجل ذلك سُمِّيَت بذات النِّطَاقين.. ثم سار عليه الصلاة والسلام مع أبي بكر يَصحبهم عَامِرُ بن فُهيرة[13]، ولم يَعلم بأمر هِجرته صلى الله عليه وسلم مِن أهل مَكة إلا علي بن أبي طالب وآل أبي بكر الصديق[14]. وكانت قُريش قد جَعلت لكل مَن يَأتي برسول الله مائة ناقة؛ فبَينما رسول الله وأصحابه في طَريقهم إذا برَجل مِن بَني مُدلج[15] يَراهم، إلا أنه لم يَكن مُتَيَقِّناً.. فأقبل إلى جَماعة مِن قَومه في مَجلس لهم، وكان بَينهم سُراقة بن مالك بن جُعْشُم؛ فأخبرهم بما رَأى وأنه يَظنهم رسول الله وأصحابه. فعَرف سُراقة أنهم هُم ولكنه أراد أن يَنفرد بهم دُون غَيره فيَحصل على الجائزة فقال: إنما هم بَنو فُلان، يَبتغون ضَالَّة لهم.. ثم مَكث قليلا ثم قام فحَمَل سِلاحه ورَكِبَ فَرسه ثم انطلق نَحوهم.. وفي طَريقه سَقَط به فَرسُه مَرَّتين، فلما رَآهم واقترب منهم عَثر به فَرسه مُجددا فذَهبت يَداه في الأرض وسَقط سُراقة عنه، ثم انتزع يَدَه مِن الأرض وتَبعهما دُخان كالإعصار[16]؛ فعَرَف سُراقة حين رَأى ذلك أنه مَمنوع عن رسول الله فناداهم بالأمان. فقال الحَبيب عليه الصلاة والسلام لأبي بكر: «قل لَه وما تَبتغي مِنَّا؟»[17]. فقال له أبو بكر ذلك، فقال سُراقة: تَكتب لي كِتابا يَكون آية بَيني وبَينك[18]. فقال صلوات ربي وسلامه عليه: «اكتُب لَهُ يا أبَا بَكْر»[19]. فكَتب له كِتابا ثم ألقاه إليه فأخَذَه، ثم رَجَع إلى قَومه ولم يَذكر لهم شَيئا مما كان[20]. ثم سار عليه الصلاة والسلام مع أبي بكر وعامر بن فُهيرة يَدلُّهم ابن أريقط حتى وَصلُوا إلى قُبَاء[21]؛  فلمَّا قَدِمَها النبي صلى الله عليه وسلم؛ خَرَجَ لاستقباله المُسلمون وفَرحوا به فَرَحاً عَظيما؛ وأقام عليه الصلاة والسلام عند كُلثوم بن هدم[22] في بَني عَمرو بن عَوف.. ثم أدرَكه علي بن أبي طالب بعد أن أدَّى الودائع إلى أصحابها بمكة[23]. فأقام النبي صلى الله عليه وسلم بقُباء يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء ويوم الخَميس، وأسَّسَ مَسجده بها، ثم خَرج يوم الجمعة فأدركته صلاة الجمعة في بَني سالم بن عَوف فصَلاها عندهم؛ فكانت هذه أوّل جمعة صَلاها رسول الله بالمَدينة وأوَّل خُطبة خَطبها.. ثم أخَذَ الناس بَزِمَام ناقته يَعرضون عليه الإقامة عِندهم والحِماية؛ فكان عليه الصلاة والسلام يَقول: «خَلُّوا سَبيلَهَا فَإِنَّها مَأمُورةٌ»[24]. فكانوا يَخلون سَبيلها حتى إذا أتَت دار بني مالك بن النجار بَركت على بابه، وهو يَومئذ مِرْبَدٌ[25] لِغُلامَين يَتِيمَين مِن بَني النجار؛ فنَزَل رسول الله وسَأل لِمَن المِرْبَد؟ فقال له مُعاذ بن عفراء: هو يا رسول الله لِسَهْلٍ وسُهَيل ابني عمرو، وهُما يَتيمان لِي، وسأرضِيهما منه.. فأمَرَ بأن يُبنى مَسجده حَيث بَركت ناقته، وعَمِل فيه لِيُرغب المُسلمين في العَمل.. وخِلال ذلك كان يُقيم في بَيت أبي أيوب الأنصاري؛ الذي حاز شَرف إقامة النبي صلى الله عليه وسلم عِنده طِوال هذه المدة، وكان أبو أيوب وزَوجته يَتَيَمَّمُون آثار أصابع رسول الله في قَصعة الطعام، ويَتناولون ما بَقِيَ مِن طَعامه ابتِغَاء البَركة.. وبعد مُدة بُنِيَ مَسجد رسول الله ومَساكنه، فانتقل إليها.. وكان قد آخَى[26] بَين المُهاجرين والأنصار؛ "كَيْ تَذوب عَصَبيات الجَاهلية؛ فلا حَميَّة إلا للإسلام، ولا يَتقدم أحدٌ أو يَتَأخَّر إلا بمُرُوءَته وتَقواه.."، وكَتَب كِتابا بَين المُهاجرين والأنصار؛ هو بمَثابة أوَّل دُستور للمُسلمين تَضَمَّن بنوداً هامة قامت بها دَولة الإسلام على أمتن رُكن وأقوى أساس؛ فكانت دَولة مُنظَّمة مُنتِجة يَسُودها العِلم والعَدل والأمان.. وقد وادَع عليه الصلاة والسلام[27] في هذا الكِتاب اليَهود وكانوا يُجاورونه بالمَدينة وأقرَّهم على دِينهم وأموالِهم، وشَرَطَ لهم واشترط عليهم[28]. ثم بَنَى[29] بِأمنا عائشة بنت أبي بكر الصديق في هذه السّنة  السنة الأولى للهجرة  وهي بِنتُ تِسع سِنين أو عَشر، وكان قد تزوَّجَ بِها في مَكة قبل الهِجرة، وهي بِكر[30]، ولم يَتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بِكرا غَيرَها[31].

السابق    التالي
http://youjal.blogspot.com/2016/04/sira1.htmlhttp://youjal.blogspot.com/2016/04/sira3.html

[1] _الظَّعِينةُ: الهَودَج فوق الناقة كانت فيه المَرأة أو لم تَكن، والجَمع ظعْنٌ و ظُعُنٌ و ظَعائِنٌ و أظْعانٌ. والظَّعِينةُ المَرأة ما دامت في الهَودج فإن لم تكن فيه فليست بظَعينة.
_ [2](ابن هشام: 2/97)
[3] _الرَّاحلة: الإبل الصالحة للسفر.
[4] _دارالندوة: هو مَكان يَجتمع فيه حُكماء قريش وشيوخها، ولا تَقضي قريش أمراً إلا فيها، وقد أسَّسَها قُصي بن كِلاب.
[5] _أي: قَوِياً شَديدا.
[6] _بُرد: كِساء يُلتَحف به .
[7] _مِن الآية 1 إلى الآية 8 من سورة يَس.
[8] _ذكر بن هشام عن ابن إسحاق أن اسمه؛ عبد الله بن أرقط،.وهو رَجل مِن بَني الديل بن بكر؛ وهي قَبيلة عَربية، وكان مُشركا (ابن هشام: 2/98). أما بن هشام فقد قال: "ويُقال: عبد الله بن أريقط" (ابن هشام: 2/102).    
_  [9](ابن كثير: (3/180 عن غير ابن هشام.
[10] _السُّفرة: طعام يَتخذه المُسافر.
[11] _العِصام: ما تعلق به السفرة.
[12] _النطاق: ما يشد به الوسط.
[13] _ذَكر بن هشام عن ابن إسحاق أنهم كانوا أربعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، وعَامِرَ بن فُهيرة مَولى أبي بكر، وعبد الله بن أرقَط  دليلهما (ابن هشام: 2/102).
[14] _وقد يُضاف إليهم أهل بَيته صلى الله عليه وسلم )والله أعلم(.
[15] _أحد القبائل العربية.
[16] _الإعصار: رِيح شَديدة معها غُبار.
[17] _(ابن هشام: 2/103).
[18] _الكتاب: تَعني الرِّسالة، وتَعني أيضا الصُّحف المَجموعة..
[19] _(ابن هشام: 2/103).
_ [20]بعد سنوات ولمَّا كان فتح مكة؛ خًرج سُراقة ومعه الكِتاب فلقِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجِعرانة فدخل في كتيبة مِن خَيل الأنصار، ودَنا مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، فرَفع يَده بالكِتاب ثم قال: يا رسول الله، هذا كِتابك لي، أنا سُراقة بن جُعْشُم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَوْم وَفَاءٍ وَبَرٍ، أُدْنُهْ». فَدَنَى منه فأسلم )ابن هشام: (2/104.
[21] _قُباء: بضم القاف أحَدُ أحياء المَدينة المُنورة؛ كانت مِن قبل قرية قريبة مِن المدينة على بعد مِيلين منها على طريق القوافل القادمة من مكة.
[22] _أو كلثوم بن الهدم.
_ [23]بَعَث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل في دار أبي أيوب مَولاه زيد بن حارثة وأبا رافع ومعهما بَعيران وخمسمائة دِرهم ليَجئ بفاطمة وأم كلثوم ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسودة بنت زمعة زوجته، وأسامة بن زيد. وكانت رُقية  قد هاجرت مع زَوجها عثمان، وزينب عند زوجها بمكة أبي العاص بن الربيع، وجاءت معهم أم أيمن امرأة زيد ابن حارثة، وخَرَج معهم عبد الله بن أبي بكر بعِيال أبي بكر وفيهم عائشة أم المؤمنين ولم يدخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم )البداية والنهاية: (3/198.
[24] _(ابن هشام: 2/112)
[25] _المربد: المَوضع الذي يُجَفَّفُ فيه التمر.
 [26]_آخَى بَيْنَهُما: جَعَلَهُمَا كالأَخَوَيْن. وقد ذَكر المُحقق في الهامش قول السهيلي: "آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حين نَزلوا المدينة ليُذهب عنهم وَحشة الغُربة ويُؤنسهم مِن مُفارقة الأهل والعَشيرة، ويَشد أزر بعضهم ببعض، فلما عزَّ الإسلام واجتمع الشَّمل وذَهبت الوَحشة أنزل الله سبحانه: }وَأُولُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمُ أوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله.{ [الأنفال: 76] أعني المِيراث، ثم جَعل المؤمنين كلهم إخوة فقال: }إنَّمَا المُؤمِنُون إِخْوَةٌ{. [الحجرات: 10] يَعني في التَواد وشُمُول الدَّعوة". انتَهى قوله (ابن هشام: 124-2/123).
[27] وَادَعَ فلانٌ فلانًا: صَالحَه وسَالمه وهَادنه.
[28] _نَصُّ الكتاب مَذكور في الصفحة 119 وما بَعدها مِن الجُزء الثاني مِن كِتاب ابن هشام.
_ [29]بَنى بها: دَخل بها
[30] _ بِكر: عَذراء، لم يَسبق لها الزواج مِن قبل.
[31] _ذَكر ابن كثير أن عَقده صلى الله عليه وسلم على عائشة كان مُتقدِما على تَزويجه بسَودة بنت زَمْعَة، ولكن دُخوله على سَودة كان بمكة، أما دُخوله على عائشة فتَأخر إلى المَدينة (البداية والنهاية: 3/133). وفيما يَلي ذِكر أزواجه صلوات ربي وسلامه عليه بالتَّرتيب: خديجة بنت خُويلد (قُرشية، وهي أول زوجاته صلى الله عليه وسلم، وكانت تَكبره بحَوالي خَمسة عَشر سنة، ولم يَتزوج عليها حتى تُوفيت رضي الله عنها، وقد تُوفيت في السنة الثالثة قبل الهِجرة بمكة)، سَودَةَ بِنتَ  زَمْعَةَ (وهي أوّل امرأة دَخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنهما قبل الهجرة)، عائشة بنت أبي بكر الصديق (قرشية، وهي البِكر الوَحيدة بين نِسائه صلى الله عليه وسلم)، حَفصة بنت عمر بن الخطاب (قرشية)، زينب بنت خزيمة (عَربية، تُوفيت في حياته صلى الله عليه وسلم، وكانت تُسمَّى بأم المساكين لِرحمتها إياهم، ورِقَّتِها عليهم)، أم سلمة (هِند بنت أبي أمية المَخزومي) (قرشية)، زينب بنت جَحش (عَربية، في عُرسها نَزلت أية الحِجاب، في السنة الخامسة للهجرة)، جُوَيرية بنت الحارث (عربية)، أمَّ حبيبة (رَملة بنت أبي سفيان) (قرشية)، صَفية بنت حُيَي بن أخطب (مِن بني إسرائيل)، مَيمونة بنت الحارث الهلالية (عربية). فهؤلاء هُنًّ أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اللاتي بَنى بِهن، وهُنَّ أمهات المؤمنين، وكانوا إحدى عشرة امرأة – رِضوان الله عليهن ، تُوفيَ مِنهن في حَياته صلى الله عليه وسلم: خَديجة بنت خويلد، وزينب بنت خزيمة. وقد ذَكر ابن هشام أن هناك اثنتان مِن زَوجاته لم يَدخل النَّبي بهِما وهما: أسماء بنت النُّعمان الكِندِيَّة، تَزوجها عليه الصلاة والسلام فوَجد بها بَياضا، فمَتعها وردَّها إلى أهلها، وعَمْرَة بنت يَزيد الكلابية، وكانت حَدِيثة عَهد بكفر، فلمَّا قدِمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم استعاذت منه صلوات ربي وسلامه عليه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِيعٌ عَائِذُ اللهِ». ويُقال: إن التي استعادت مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم كِندية بنت عم لأسماء بنت النُّعمان، ويُقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دَعاها فقالت: إنا قَوم نُؤْتَى ولا نَأتي. فرَدَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهلها (ابن هشام: 4/321). أما السَراري؛ والسُّرِّية هِيَ الأْمَةُ الْمَمْلُوكَةُ يَتَّخِذُهَا سَيِّدُهَا لِلْجِمَاعِ، وبَين الأَمَة والسُّرِّية فَرق؛ فكل سُّرِّيةٍ أمَة ولا عَكس، فالجارية أو الأمَة؛ اسمٌ يَشمل الإماء اللاتي اتُّخِذن للجِماع، والإماء اللاتي اتُّخِذن لغَير ذلك من الأغراض؛ من خِدمة سَيّْدها أو سَيدتها.. والله أعلم. وقد ذَكر ابن الجَوزي سَراري النبي صلى الله عليه وسلم، وهن: "مَارية القِبطية بَعَثَ بها إليه المُقوقس، ورَيحانة بنت زَيد، ويُقال إنه تَزوجها، وقال الزهري: استسرها ثم أعتقها فلحِقت بِأهلها. وقال أبو عبيدة: كان له أربع: مارية، ورَيحانة، وأخرى جَميلة أصابها في السَّبي،  وجارية وَهبتها له زينب بنت جَحش" (صِفة الصفوة لابن الجوزي: 1/49).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـموقع دروس تربوية