{من السَّنة 53 قبل الهجرة إلى السنة 51 قبل الهجرة}
ثم قدمت حَليمة السعدية[1] مِن بني سَعد بن
بَكر[2]
إلى مَكَّة صُحبة زَوجها[3]
وابنها الرَّضيع؛ تَعرِض نَفسها عَلى الرُّضَعاء[4]..
تاركة خَلفها أرضاً جَرداء يَبسَ
زَرعُها[5]؛
ومَواشي هَزيلة جَفَّ ضَرعها[6]..
فلما عُرِضَ رسول الله عَلى المُرضعات؛ رَفضنه لِعِلمِهنَّ أنه يَتيم.. وكانت
حَليمة مِثلهن؛ تَسْعَى لاصطِفاء[7]
ما يَصطَفين.. فلمَّا أخذَت كلُّ واحِدة مِنهُنَّ رَضيعا؛ وَجَدت حليمة نَفسها بدُون رَضيع،
فقالت لِزَوجها: والله لأَذَهَبنَّ إلى ذَلك اليَتيم فَلَآخُذَنَّه.. فأجابَها: لا عَليك أن تَفعلي، عَسَى
الله أن يَجعل لنا فيه بَرَكة.. فأخَذته؛ وما حَملها على ذلك إلا أنها لم تَجد
غَيرَه.. فلمَّا وَضَعته في حِجرِها؛ أقبل ثَدِياها بما شاءَا مِن لَبن؛ فشَرِبَ الرسول صلى الله عليه وسلم ومَعه أخوه في الرَّضاعة[8]؛
حتى رَوِيَا، ثم ناما. ثم قام
زَوجها إلى نَاقة مُسِنَّة فألفاها[9]
مُمتلئة الضَّرع؛ فحَلِب مِنها ما شَرب، وشَربَت مَعه هي الأخرى )وهما يَتعجبان(
حتى انتَهيا رَياً وشَبعاً.. فلمَّا أصبَحُوا قال لها زَوجُها: تَعَلَّمِي[10] والله يا حَليمة
لقد أخذتِ نَسمة مُباركة. فقالت: والله إني لأرجُو ذلك.. فكان ما رَجتهُ بِبَركة
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[1]
_حَليمة بنت أبي ذؤيب. وقد اختلف في إسلامها
وفي إسلام زَوجها، وأكثَرهم يَقول بإسلامها، والله تَعالى أعلم بالصواب.
[3] _اسم زَوج
"حليمة السعدية" كما ذَكر ابن هشام عَن ابن إسحاق: "الحَرثُ
بن عبد العُزَّي" (ابن هشام: 1/172). وكان يُكنى بأبي كَبشة.
[6]
_الضَّرْعُ: مَدَرُّ
اللّبن في ذَوات الظِّلْف والخُفِّ (أَي الأَنعام: كالإبل والبَقَر والشَّاة
والظَّبي ونَحوها)، والضَّرعُ فيها كالثَّدي للمرأة. نَقول: ضَرْع البقرة/الشَّاة.
[8] _إخوانُه مِن الرَّضاعة: كما ذَكر بن هشام عن ابن إسحاق: "عبدُ الله بن
الحَرث"، و"اُنَيْسة بنت الحَرث"، و"خِذامَةُ
بنت الحَرث"؛ وهي الشَّيماء (ابن هشام: 1/173).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق