عدة الأساتذة

مواضيع علوم التربية

أخبار ومستجدات

4- حادثة شَق الصَّدر:






{السنة 48 قبل الهجرة}


ثم عاش الحبيب صلى الله عليه وسلم بَين بني سَعد بن بَكر وبَرَكاته الفَيَّاضة تَدرّ على أهلِ بَيت حَليمة، وقد تَبَدَّلت أحوالهم بقُدومه مِن بُؤس وشَقاء إلى سِعَة ونَماء؛ ممّا جَعَل حليمة تَتَعلّق به تَعلقاً شَديداً.. وبَعد فِطامه بمُدة؛ كان وأخُوه في الرّضاعة[1] يَلعَبان[2]، فإذا بِرَجُلان يَأتيانه صلى الله عليه وسلم؛ فهَرَبَ ابن حَليمة إلى والديه وهُوَ يَقول: ذاك أَخِي القُرَشي قد أخَذَهُ رَجُلان عَليهما ثِيابٌ بِيضٌ فأضجَعاه فَشَقَّا بَطنه.. فَخَرجت حَليمة وزَوجها نَحوه، فألفياه قائما مُمتَقِعاً وجْهُه[3]. فسألاه، فَحدَّثهُما أن الرَّجلين أضْجَعَاهُ وشَقَّا بَطنَه فالتمَسا فِيه[4] شَيئا لا يَدري ما هو! فوَجلت حَليمة ثم جاءت به إلى أمِّه فأخبَرتها بما كان.. فقالت لها آمنة: أَفَتَخَوفتِ عَليه الشَّيطان! فأجابت حليمة بنَعم. فقالت آمنة: كَلاَّ! والله ما للشيطان عَليه سَبيل، وإن لِبُنيَّ لَشَأنا.. فذَهبت حليمة وتَركته عِند أمه وقد تمَّ لَه مِن العُمر خَمس سَنوات.. وبَعد عام تُوفيت آمنة بالأبواء[5]؛ لَدى عَودتها إلى مَكة؛ بَعد أن قَدِمَت به على أخواله مِن بَني عَدِيِ بن النَّجار[6]، فذاق الحَبيب مُجَددا مَرارة الحِرمان؛ حِرمان الأب الذي لم يَرهُ قَط، ثم حِرمان الأم التي لم يَنل مِن حَنانها إلا القَليل.. فكَفله جَدُّه عَبد المُطلب، وأغدَق عليه بِرعَايته.. وكان يُلاحظ فيه ما لا يَلحظ في غَيره، ممَّا يَدل على أن له شَأن عَظيم.. وقد جَعل ذلك عَبد المطلب يُؤثره على أولاده إيثاراً شَديداً[7]، ويُكرمه غاية الإكرام؛ فكان يَجلس بقُربه، وإذا أراد واحد مِن أعمامه إبعاده أو تَأخيره كان عَبد المُطلب يَأبى ويَقول لكافة بَنيه: دَعوا ابني هذا فوالله إن لَه لَشَأنا.. حتى إذا بَلغ صلى الله عليه وسلم الثامنة مِن عُمره مات جَدُّه، فكَفله حِينذاك عَمُّه أبو طالب[8]؛ فخَلَفه في رِعايته واختصه بمَحبته..

السابق    التالي
http://youjal.blogspot.com/2016/04/sira1.htmlhttp://youjal.blogspot.com/2016/04/sira3.html




 [1]_المَقصود هنا: عبد الله بن الحرث؛ أخ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرَّضاعة.
[2] _أو يَرعيان غَنماً صِغارا خَلف بُيوتهم، ورُبما كان مَعه صلى الله عليه وسلم غِلمانٌ آخرين. والشَّاهِد هُنا ما حَدَث لهُ مَع الرَّجُلان صَلوات رَبِّي وسلامه عليه، أما غَيرُ ذلك فالله تعالى أعلم به.
[3] _مُمتَقُعاً وَجهه: أي مُتغيرا.
[4] _الرَّاجح هُنا قَلبُهُ صلوات ربي وسلامه عليه. وقد ذَكر "ابن هشام" عن "ابن إسحاق" حَديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيه تَفصيلٌ لهذه الحادثة، وفي الرُّجوع إليه فائدة، وذلك  في (ابن هشام: 1/177).
[5] _الأبواء: قرية بَين مَكة و المَدينة المُنورة، وبالأبواء قبرُ آمنة بنت وَهب أم النَّبي صلى الله عليه وسلم. وقد توفيت وعُمره عليه الصلاة والسلام ستة أعوام.
[6] _أي: أخوال أبيه عبد الله بن عبد المطلب أو أخوال جده عبد المطلب، وكانوا بالمَدينة.
[7] _أي: يُفضِّله.
[8] _كان شَقيق أبيه عبد الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـموقع دروس تربوية