عدة الأساتذة

مواضيع علوم التربية

أخبار ومستجدات

7- زَواجُه مِن خَديجة بنت خُوَيلِد:





{السَّنة 28 قبل الهجرة}


ثم شَبَّ عليه الصلاة والسلام وعِنايةُ الله تَتَولاه؛ شابا وَسيما قَسيماً[1]، حازَ مِن كَمال الخِلقة وجَمال الصُّورة ما لم يَنله أحد؛ حَتَّى أنَّ مَن رَآه بَديهة هابه، ومَن خَالطه مَعرفة أحبَّه.. وكان إلى جانب ذلك وافر العَقل، صَحيح الفَهم، فَصِيح اللسان.. وعلى الرُّغم مِن مَظاهر الانحلال والوَثنية التي كانت حَوله؛ فقد كان بَعيدا كل البُعد عن الرَّذِيلة وما يُقرِّب إليها، مُحِباً للفَضِيلة مُتسِماً بها؛ ولم يُشارك قَومه في عِبادة الأوثان[2]، ولا أكَل شَيئا مِمَّا ذبِحَ لَها، ولم يَشرب الخَمر، ولم يَلعب القِمار.. ولم يَثبُت عنه قَط أنه خَدَعَ أحداً أو سَبَّ رَجلا أو ضَرَب امرأة أو خادما أو وَليدا؛ وكان قَومه يَشهدون بذلك ويُقرُّون به.. أما عن مَعيشته فقد كانت قائمة على الرَّعي ثم على التَّجارة؛ حَتى إذا بَلغ خَمساً وعِشرين سَنة، وبَلَغَ قومَه صِدقَ حَديثه، وكَرَم أخلاقه، وعِظَمَ أمانته، سَمِعَت بِفَضله خَديجة بِنت خُوَيلد؛ فَعَرضت عَليه أن يَخرج في مَالٍ لها إلى الشام، وكانت امرأة تاجرة ذات شَرفٍ ومَال، تَستأجر الرِّجال في مَالِهَا وتُضاربهم إياه بشيء تَجعَله لهم مِنه[3]. فقَبِل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، وخَرَج مع غُلام لها اسمه مَيسرة.. فلما قَدِمَا الشَّام نَزَل عليه الصلاة والسلام في ظِلّ شَجرة قَريبا مِن صَومعة راهب[4]، فاطَّلع هذا الأخير ثم سَأل مَيسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخبره أنه مِن قريش وأنه مِن أهل الحَرم. فقال الرّاهب: ما نَزَل تحتَ هذه الشجرة قطُّ إلا نَبيٌّ.. فلمّا  باعَ رسول الله سِلعته التي خَرَجَ بها، واشترى ما أراد أن يَشتري؛ رَجَع إلى مَكة، فانتفعت خَديجة بتِجارته، وسَمِعت مِن غُلامها ما شَاهده مِنه[5].. وكانت امرأة حَازمة لَبيبة[6]؛ فبَعثت إليه عَبر نَفيسة بنت مُنَيَّة تَعرض نَفسَها. فلمَّا بَلغه ذلك، ذَكره لأعمامِه، فخَطبوها إليه، فتَزَوَّجَها[7].

السابق    التالي
http://youjal.blogspot.com/2016/04/sira1.htmlhttp://youjal.blogspot.com/2016/04/sira3.html


[1] _الْقَسَامَةُ: الْحُسْنُ، ورَجلٌ مُقَسَّمُ الْوَجهِ؛ أَي: جميلٌ كلُّه، كَأَنَّ كلَّ مَوضِعٍ مِنهُ أخَذَ قِسمًا مِنَ الْجَمال.
[2] _الْوَثنُ: مُفرد أوثان، وهو التِّمثال، سواء أَكان مِن خَشب أَم حَجر أَم نُحاس أَم فِضَّة أَم غير ذلك. وأول مَن أدخل عِبادة الأوثان في العَرب؛ عمرو بن لحي، وكان ذلك قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم بقرون. أنظر )ابن هشام: (1/81.
[3] _المَعنى الاصطلاحي للمُضاربة في التِّجارة هو: دَفعُ شَخص مَاله إلى شَخص آخر كَي يتَّجر فيه، ثم الرِّبح بينهما إذا تَمت التِّجارة.
[4] _ذكر ابن الجوزي اسمه؛ وهو نسطورا الراهب )صفة الصفوة: (1/23.
[5] _ذكر ابن هشام قول ابن إسحاق: "فكان مَيسرة  فيما يَزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحَرُّ يَرَى مَلكين يُظلانه مِن الشمس، وهو يَسير على بَعيره) "ابن هشام: (1/203.
[6] _حَازمة: ضابِطةً لأَمُورِها، مُتَحَكِّمةً فيها بِثِقَة. ولَبيبة: عاقلة و ذكية.
[7] _أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن خَديجة بنت خُويلد رضي الله عنها   بالترتيب: القاسِم (وهو أكبر أولاده وبه كان يُكنى صلى الله عليه وسلم، وقد وُلد القاسم  بمكة قَبل البِعثة، ومَات بَعد أن بَلغ سِناً تُمكنه مِن المَشي)، زَينب (وهي كُبرى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، تَزوجها أبي العاص بن الرَّبيععبد الله ( تُوفي صَغيرا بمكة، ويُقال له: الطَّاهر والطَّيبرُقية (تَزوجها عُثمان بن عَفانأم كلثوم (تَزوجها عُثمان بن عفان بعد وفاة رُقية؛ ولأجل ذلك كان يُلَقب بذي النورين)، فاطمة أو فاطمة الزهراء (توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بقليل، تَزوجها علي بن أبي طالب، وهي أم  الحَسن والحُسين رضي الله عنهما) وهؤلاء رضي الله عنهم كُلهم أولاد خديجة بنت خويلد، وقد أسلم البَنات كلهُن، وهاجرن، وتَزوجن، وأنجَبن إلا أم كلثوم فلم تُنجب، وتوفين بالمدينة كلهن في حَياة النبي صلى الله عليه وسلم. إلا فاطمة فإنها تُوفيت بَعده بقليل كما تَقدم ذِكره. أما آخرُ أبنائه  صلى الله عليه وسلم؛ فهو إبراهيم (أنجبه الرسول صلى الله عليه وسلم مِن السيدة مارية القبطية، وتُوفي صَغيرا). وقد ذكر بن هشام عن ابن إسحاق قوله: "فوَلدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وَلده كلهم، إلا إبراهيم: القاسم، وبه كان يُكنى صلى الله عليه وسلم، والطاهر، والطيب، وزينب، ورُقية، وأم كلثوم، وفاطمة، عليهم السلام". قال بن هشام:" أكبر بَنيه القاسم، ثم الطيب، ثم الطاهر، وأكبر بَناته رُقية، ثم زينب، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة". (ابن هشام: 1/206). ونَفهم مِن قول ابن إسحاق وابن هشام أنَّهُما جَعلا أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذكور مِن خديجة رضي الله عنها ثلاثة، وهم: القاسم والطاهر والطيب. على خِلاف ما تقدم وما هو مَشهور. ثم جَعل ابن هشام أكبر البَنات رُقية، والمَشهور أن زَينب هي كبرى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـموقع دروس تربوية